سلوى الوصابي /تكتب "نزيف لغة"
أنا اللغةُ العرَبية
أنا الأمُ المجروحةُ في الوطنِ الدامي، أينَ أنتم يا أطفالي، ويا شبابي،و يا مَن كبُرَ سِنُكُمْ ولمْ تَعرِفوني حقَّ معرِفتي، أينَ أنتم عنّي؟ عن جماليّ وبديع محاسِني؟ عن مفرداتي؟ لمَ تخلفْتُم عنّي؟ والبعض استبدلني بأضعف منّي، يقولُ شاعري على لسانِي: "أَيَهجُرُني قَومي عَفا اللَهُ عَنهُمُ * إِلى لُغَةٍ لَم تَتَّصِلِ بِرُواةِ" أسئلةٌ كثيرةٌ لا جوابَ لها ويا أسفي! على أعتابِ الليالي الحالِكة أقفُ؛ أنتظر فجرَ يومٍ تعُودون فيهِ إلي، علّي أجِدُ ماضيَّ الذي كانَ يُؤنِسُني، علّي أأنَسُ مِن جديدْ! مِن أجلِكُم؛ فأنا لكم وفيكم، أريدُ أن تتجملوا، تسمُوا وتفخرُوا، تتباهُوا بِعزٍ وشموخٍ ترتقُوا؛ فأنا المجد، أنتم لي وأنا لكم...
أيا أبنائِي يُقال أنَّ مَن يتحدث بي "٤٦٧ مليون نسمة" أهذا حَقيقيٌّ يا تُرى! ماليَ لا أرى مِنهُم إلا أقلُ القليل! إنّهُ رقمٌ كبير، ولا أشعرُ بِه سِوى بٍمقدارٍ ضئيل! ويا للعجبِ الحزين! أصلٌ مُتأصِلٌ فيكم لكنه بعيدٌ عنكم، والسبب؟ إهمالكُمُ المرير! فأين أنتم؟ أينَ قُوتِكُم لِتَعرِفون عَظمةَ لُغتكم؟ أين وأينَ، وسَيكثر الأيّن، ولنّ أجدَ إلا أقل القليل مع الأسفِ المؤسفِ العليل. أتعملون كم هيَ أقسامي مع فروعي؟ أتعلمون عن بعضِ ما فيَّ؟ كعلمِ الأدبِ، الصرفِ أو النحو، المعاني، البيان، البديع، العروض والقوافي، الترادف والتضاد، الإشتقاق، فالبلاغة؟ وكلٌ بِحسنهِ يتفرد، أمّا الشِعرُ فهو مختلفٌ بذاته! فهل علِمتُم عن بضع هذه العلوم! تَزيَّنوا بيَ وغُوصوا؛ فأنا بحرٌ كما تعلموا، غُوصوا بِعمقٍ ومَهارةٍ، تَصيَدُوا ما يَحلو لكُم، استخرِجوا دُرر العُلومِ وصدف الحبور، فأنا فِيكُم ومِنكُم ولكُم وإليكُم؛ فلا تُضيعُوني مِن أنُفسِكم، أمّا البقاءُ فأنا باقيةٌ؛ قد صانَنَي اللهُ جلَّ شأنهُ بالقرآنِ "[إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ] «يوسف الآية 2»، لُغةُ الفَصاحةِ والبيان، هويتُكم مُنذ خلّقِكُم وإلى جَنتِكُم، فهلّ هُناك أبلغ مِن ذلك! يَطُولُ عتابي، ويَبقى سُؤالي أين أنتم؟ أين أنتم! وأما مَطلبي فَعُودوا الى أُمِكُم المَجرُوحة مِنكُم. هذا نِدائي فهلّ يا تُرى هُناك مَنّ سيُجيبُني! على لسانِ شاعري "إِلى مَعشَرِ الكُتّابِ وَالجَمعُ حافِلٌ * بَسَطتُ رَجائي بَعدَ بَسطِ شَكاتي"
-سَلوى|سلّوةَ الرُّوحْ.
إرسال تعليق
0 تعليقات