تخلي... 🖤 بقلم 🖤 اسلام الفخري
_________( _________( تخلي )______________
" منذ عام مضى شهد ذلك البيت صراعا كلاميا ومشادات ، كادت ان تصل حد العراك ، حينها امتلأت جنبات الغرفة الموجودين بها بمشاعر الكراهية ، لو كان لتلك المشاعر رائحة لاختنقنا جميعا.
الزوج يصيح ، مشتعلا بكلمات ناربة تخرج من فمه ، واباه وامه يمدانه بالحطب الازم ، والزوجة تتكلم وهي تبكي بحرقة ، تتآكل حروف كلماتها فلا تفهم ، فتترجم لنا لها امها ما تقول ، تكمل الحروف بالفاظ مبينة منقحة ، وبخلفية لعن وحسبنة من والدها ، وصغير لاه عنهم جميعا ، يحتضن بكلتا يديه دب بني ، دمية قطنية ضخمة ، تقارب حجمه .
كنت واحد من اثنين من المحكمين من طرف الزوجة ، واثنان آخران محكمان من طرف الزوج ، واتفقنا على اختيار أحد وجهاء القرية ليكون رئيسا لجلسة التحكيم العرفي .
خمسة رجال عقلاء ، يؤسسون قواعد لإنهيار تلك العلاقة الزوجية ، بما يضمن حقوق الجميع وبأقل الأضرار الممكنة .
اتفق الجميع على أن مبرر إنهاء الزواج هو استحالة العشرة ، رغم أنه لم تكن بينهما عشرة حتى تستحيل ، لكن هكذا وضعنا عنوان للجلسة .
بمهارة جزار محترف سلخنا تلك العلاقة الزوجية ، التي لم تدم اكثر من اربعة اعوام ، أسفر عنها قدرا طفل اسموه ( طارق ) .
سمعنا اقوال الزوج والزوجة ، وملخصها أن الزوجة طوال تلك المدة ، لم تستقر بمنزل الزوجية شهر كامل ، اطول مدة أستقرت بها ستة أشهر ، كان قضاها الزوج خارج البلاد طلبا للرزق ، لكنه لم يوفق ، وعاد بقليل من المال وبعض الهدايا ، لتغضب الزوجة وترحل مع صغيرها لمنزل ابيها ، بعد أقل من اسبوعان من عودة زوجها.
" طوال تلك العلاقة لا افهم لم اقضي اوقات طويلة في منزل ما ، مع ذلك العجوز العابس ، ذا الشعر الابيض والدمعة المتجمدة بطرف العين ، لا تسقط ولا تسيل ، الذي يدعى ( جدو ).
لاعود لبيت ارتاح فيه أكثر ، اكون فيه بصحبه الرجل العابس الآخر ذا الشعر الاسود ، غاب طويلا وعاد بيده ذلك الدب البني الكبير ، والذي كلما اقترب من امي توترت ، فيتسرب التوتر الي ، ويدعى ( بابا ).
ينتهي الحال دوما ، بصراخ متبادل بين المدعو بابا وماما ، لتحشر ملابسي وملابسها بعدة حقائب ، لنعود لمنزل العابس الأول ذا الشعر الابيض "
هكذا استمعت وحدي لأقوال طارق وهو يحتضن دميته ، قالتها عيناه ، فلم يكن حينها يمكنه الكلام .
اتفقنا على كل الإجراءات العملية ، وكتبنا عقد ببنود الإتفاق ، لم يرهقنا بند من تلك البنود ، مثل ما ارهقنا بند حضانة طارق ، لتذعن الإرادات المتعارضة ، لما يقره العرف في تلك الحالات المماثلة ..
( يكون الصغير في حضانة امه ، مالم تتزوج ، فتنتقل الحضانة لأبيه )
انتهت جلستنا وشرعنا في التنفيذ ، انتقلنا جميعا لمنزل الزوجية أو الذي كان كذلك ، تم جرد كافة محتويات الشقة ، ومطابقتها بقائمة الجرد ، التي لم يكن من بينها دب طارق ، والذي لم يفارق حضنه ، استلمها والد الزوجة ، وتعهد الزوج كتابة بدفع قيمة ما نقص منها او تلف ، ورفعت الجلسة .
اليوم وبعد مرور أكثر عام كامل على تلك الواقعة ، عدت لقريتي ، تصادف رؤيتي لطارق ، محتضنا دبه البني الذي بدأ اصغر بين يديه ، يجلس على عتبة البيت بجوار الجد العابس ، احتضنته ودبه معا قبلته وسألته عن امه فقال مبتسما : راحت مع عمو .. اصبح يجيد الكلام .
قام الجد مرحبا بي ، ترك نرجيلته وهو يسعل ، امسك يدي وطلب مني الدخول فشكرته ، سألته عن أحوال ابنته وعن هوية المدعو ( عمو ) .
قال : تزوجت ابنتي من ابن خالها ، وتعيش معه بالقاهرة ، طلبنا من أبوه أن يأخذه كما اتفقنا ، فلم يهتم ، عرفنا أنه تزوج وانجب غيرة .
كم كان طارق محقا في حرصه على احتضان ذلك الدب ، فهو على الأقل الحضن الذي لم يتخل عنه "
____________
#برج_الجوزاء
#اسلام_الفخري )______________
" منذ عام مضى شهد ذلك البيت صراعا كلاميا ومشادات ، كادت ان تصل حد العراك ، حينها امتلأت جنبات الغرفة الموجودين بها بمشاعر الكراهية ، لو كان لتلك المشاعر رائحة لاختنقنا جميعا.
الزوج يصيح ، مشتعلا بكلمات ناربة تخرج من فمه ، واباه وامه يمدانه بالحطب الازم ، والزوجة تتكلم وهي تبكي بحرقة ، تتآكل حروف كلماتها فلا تفهم ، فتترجم لنا لها امها ما تقول ، تكمل الحروف بالفاظ مبينة منقحة ، وبخلفية لعن وحسبنة من والدها ، وصغير لاه عنهم جميعا ، يحتضن بكلتا يديه دب بني ، دمية قطنية ضخمة ، تقارب حجمه .
كنت واحد من اثنين من المحكمين من طرف الزوجة ، واثنان آخران محكمان من طرف الزوج ، واتفقنا على اختيار أحد وجهاء القرية ليكون رئيسا لجلسة التحكيم العرفي .
خمسة رجال عقلاء ، يؤسسون قواعد لإنهيار تلك العلاقة الزوجية ، بما يضمن حقوق الجميع وبأقل الأضرار الممكنة .
اتفق الجميع على أن مبرر إنهاء الزواج هو استحالة العشرة ، رغم أنه لم تكن بينهما عشرة حتى تستحيل ، لكن هكذا وضعنا عنوان للجلسة .
بمهارة جزار محترف سلخنا تلك العلاقة الزوجية ، التي لم تدم اكثر من اربعة اعوام ، أسفر عنها قدرا طفل اسموه ( طارق ) .
سمعنا اقوال الزوج والزوجة ، وملخصها أن الزوجة طوال تلك المدة ، لم تستقر بمنزل الزوجية شهر كامل ، اطول مدة أستقرت بها ستة أشهر ، كان قضاها الزوج خارج البلاد طلبا للرزق ، لكنه لم يوفق ، وعاد بقليل من المال وبعض الهدايا ، لتغضب الزوجة وترحل مع صغيرها لمنزل ابيها ، بعد أقل من اسبوعان من عودة زوجها.
" طوال تلك العلاقة لا افهم لم اقضي اوقات طويلة في منزل ما ، مع ذلك العجوز العابس ، ذا الشعر الابيض والدمعة المتجمدة بطرف العين ، لا تسقط ولا تسيل ، الذي يدعى ( جدو ).
لاعود لبيت ارتاح فيه أكثر ، اكون فيه بصحبه الرجل العابس الآخر ذا الشعر الاسود ، غاب طويلا وعاد بيده ذلك الدب البني الكبير ، والذي كلما اقترب من امي توترت ، فيتسرب التوتر الي ، ويدعى ( بابا ).
ينتهي الحال دوما ، بصراخ متبادل بين المدعو بابا وماما ، لتحشر ملابسي وملابسها بعدة حقائب ، لنعود لمنزل العابس الأول ذا الشعر الابيض "
هكذا استمعت وحدي لأقوال طارق وهو يحتضن دميته ، قالتها عيناه ، فلم يكن حينها يمكنه الكلام .
اتفقنا على كل الإجراءات العملية ، وكتبنا عقد ببنود الإتفاق ، لم يرهقنا بند من تلك البنود ، مثل ما ارهقنا بند حضانة طارق ، لتذعن الإرادات المتعارضة ، لما يقره العرف في تلك الحالات المماثلة ..
( يكون الصغير في حضانة امه ، مالم تتزوج ، فتنتقل الحضانة لأبيه )
انتهت جلستنا وشرعنا في التنفيذ ، انتقلنا جميعا لمنزل الزوجية أو الذي كان كذلك ، تم جرد كافة محتويات الشقة ، ومطابقتها بقائمة الجرد ، التي لم يكن من بينها دب طارق ، والذي لم يفارق حضنه ، استلمها والد الزوجة ، وتعهد الزوج كتابة بدفع قيمة ما نقص منها او تلف ، ورفعت الجلسة .
اليوم وبعد مرور أكثر عام كامل على تلك الواقعة ، عدت لقريتي ، تصادف رؤيتي لطارق ، محتضنا دبه البني الذي بدأ اصغر بين يديه ، يجلس على عتبة البيت بجوار الجد العابس ، احتضنته ودبه معا قبلته وسألته عن امه فقال مبتسما : راحت مع عمو .. اصبح يجيد الكلام .
قام الجد مرحبا بي ، ترك نرجيلته وهو يسعل ، امسك يدي وطلب مني الدخول فشكرته ، سألته عن أحوال ابنته وعن هوية المدعو ( عمو ) .
قال : تزوجت ابنتي من ابن خالها ، وتعيش معه بالقاهرة ، طلبنا من أبوه أن يأخذه كما اتفقنا ، فلم يهتم ، عرفنا أنه تزوج وانجب غيرة .
كم كان طارق محقا في حرصه على احتضان ذلك الدب ، فهو على الأقل الحضن الذي لم يتخل عنه "
____________
#برج_الجوزاء
#اسلام_الفخري
إرسال تعليق
0 تعليقات