الشيطان بين الميثولوجيا والدين 🖤نديم عمر


 الشيطان بين الميثولوجيا والدين 

_____________________________


بداية معرفتي بالشيطان كانت عندما علمتني والدتي أن من يأكل بيده اليسرى فإن الشيطان يأكل معه وهو الكائن الشرير الذي يجب الا نُحبه ابدًا ومن هذا المنطلق وفي طفولتي نظرت للشيطان دائما على أنه كائن فضولي فارغ تماما يراقبنا ونحن نأكل ونحن في الحمام وفي كل مكان يريد بنا الشر وعندما كبرت بدأت في دراسة هذا الكائن بمنظورين ، منظور ديني إسلامي يعتمد على هويتي التي اعتز بها ومنظور بحثي يفرضه بداخلي من لا يرضى بحتميات الأمور دون تأمل أو بحث وفي هذا المقال اخترت ست ديانات مختلفة استعرض فيها ماهية الشيطان في كل ديانة على حدى  ست ديانات ثلاثة منها سماوية وثلاث ديانات أرضية ( معتقدات ) 

 وهي الايزيدية والزرادشتية  والمصريةالقديمة 

 ‏ثم اليهوديةوالمسيحيةوالإسلام 

في الديانة الإيزيدية مثلا سنرى أن الشيطان أو (طاووس ملك ) ليس بالكائن الشرير على الأطلاق بل هو ملاك سماوي اختصه الله بإقناع أدم بالخروج من الجنة حتى يتكاثر مع البشر وبأنه الوحيد الذي فكر بذكاء بأن السجود لأدم هو فخ من الله للملائكة فكرمه الله بأن وضع في رقبته الطوق الايزيدي وإذا انتقلنا للديانة الأخطر من وجهة نظري وهي (الزرادشتية)  والتي تعد واحدة من أقدم الديانات و شهدت مولد فكرة الشيطان بشكلها الحالي  بناء علي التصور الخاص بمؤسسها زرادشت والذى امتهن  الكهانة كما جاء في الأناشيد الخاصة  حتي جاءه في أحد الأيام أمام  أحد الأنهار كائن نوراني عرج به إلى السماء ليقابل (اهورا مزدا / الله ) ليمنحه التكليف بهداية البشر ويحذره من الشيطان الهارب من رحمة الله ومن هنا خلق زرداشت ما يعرف بالثنوية أو ثنائية الخير والشر والنور والظلام فكان اهورا مزدا( الله) هو إله النور وكان الشيطان هو ( إله الظلام )  أما في الديانة المصرية القديمة كان (ست)  وهو مغتصب العرش بعد أن قتل أخاه أزوريس يعد هنا مرادفا للشيطان خاصة عندما يتحول الصراع بعد تلك النقطة الفارقة في الميثولوجيا المصرية القديمة  إلى صراع بين الخير والشر ..وإذا انتقلنا للديانات التوحيدية  الثلاثة  سنجد أن في اليهودية مثلا لم يظهر الشيطان في بداية الأمر بشكله المباشر بل تمت الإشارة الرمزية له بكنيات مختلفة خاصة في الأسفار الأولى من التوراة  بل إن تلك الأسفار ألحقت بعض الصفات الشيطانية (بيهوه)  نفسه وهو المرادف ل( الله)  فصورة الشيطان بدأت في شكل حية ( ثعبان )  وهي التي أغوت آدم بالخروج من الجنة،،  وفي الأسفار اللاحقة من التوراة  ظهر الشيطان بوصفه وشكله المتعارف عليه حاليا وربما كان هذا التطور في فهم معنى الشيطان في التوراة  بسبب الأختلاف حول ماهية الشر نفسها هل هو مجرد حماقة وفساد أم  كفر وبناء  على هذا التطور في النهج التوراتي  انتقلت فكرة الشيطان من حية الأغواء للشكل المتعارف عليه حاليا  بل أن بعض التصورات وضعته في المحكمة السفلية التى ستحكم على الأشرار ، وإذا انتقلنا للمسيحية فهو الملاك الساقط من السماء والذي أراد أن يتحدى الرب في ملكوته وأن يتقاسم معه الألوهية  فطُرد هو ومن اتبعه من الملائكة ( الانجاس على حد التعبير  ) للأرض وعندما أتى الإسلام منح الشيطان شكلا أكثر استقلالية ووضوحا بداية من عدم السجود لآدم وحتي تبنيه فكرة الشر بمعناها الأبدي سواء عن طريق النهج أو عن طريق الأغواء . ولو دققنا في  الديانات والمعتقدات  السابقة سنجد أنه كان لابد من حركة تمرد تحدث وانقلاب ومعها تأخذ الأمور ثنائية الخير والشر  وأن الرمزية تكاد تكون متشابهة ،  يقول أفلاطون إن الشياطين هم الأشخاص الطيبين عندما يموتوا وهم رسل الله الي البشر  ويقول فرويد أن (الهو) هو الجانب الغرائزي والشيطاني فينا الذي يحرك بداخلنا التمرد والرغبات على (الأنا )...وبين الدين والفلسفة وحتي علم النفس اعتقد أن ثنائية الخير والشر أو الملائكة والشياطين ظهرت في الأعلي هناك وامتدت فينا  بما نحمله من طباع متضادة .

إرسال تعليق

0 تعليقات