مشرد في مدينتي 💜 بقلم 💜 محمود الحسن (الكنفاني الصغير)/ سوريا
مشرَّدٌ في مدينتي
غريبٌ أنا... حتى مدينتي باتت تنكرني، فكيف بباقي المدن؟؟
أقفُ جائعاً أمامَ المطاعم،انظرُ لأطباق الطعام، وكذلكَ إلى الجالسين أمام الطاولات، أولئكَ الذينَ تتناسبُ ملابسَهم مع سياراتِهم الفارهة التي أجلسُ بجانبها متقياً برودةَ المطرِ، أنظرُ إلى معاطفهم،
يا إلهي!!!
معاطفٌ مبطنةٌ بالفراء،
يا ترى كم هي دافئة؟؟ !!!!
أيشعرُ أصحابها بالبرد، أم أنَّها خصَّتهمُ بدفءٍ وافر؟؟
عندما يفتحُ أحدهم الباب تنبعثُ من الداخل نسماتٌ حارقة، تمنيتُ لو أجلسُ بينها ولو لدقيقة، أو لتسعٍ وخمسين ثانيةٍ فقط،.....
نعم لا تستغربوا، الأمر هنا يُحسبُ بالثواني، فأنتم لم تجرِّبو الجلوسَ كقطٍّ جائعٍ ، لا يستطيعُ البحث عن الطعام لفرطِ البرودةِ التي تفتك جسدَهُ،وبينما أنا جالسٌ أحاولُ تدفئةَ خديَّ بتلكَ بدموعي المعتادة؛ فجأة سمعتُ رنينَ شيءٍ سقطَ على الأرض، التفتُّ يساراً وإذ بها قطعةٌ نقديةٌ من أدنى الفئات، تتربعٌ بين فردتين لحذاءٍ لامعٍ يعلوهُ رجلٌ كبيرُ البنية، ومتوسطُ العمرِ، ينظرُني نظرةَ اشمئزازٍ مريبة، لكن حدَّثتُ نفسي:لا بأس بنظراتهِ ، طالما أنَّهُ يشعرُ بي إذ رماني بقطعةٍ النقودِ هذهِ على حقارتها، لكن للاسف الأمر لم يكن كذلك، كانت نظراتُ الغضب تلكَ سببها الغيرة، فلم يكن الأمر عليه بهذه السهولة، أن يجلسَ متشردٌ بجانبِ سيارتهِ السوداء ويلتصقُ بها، وكانَ البرد عندها قد أفقدني كلَّ شيء حتى قدرتي على التفكيرَ ، فلم أفهَم منذُ البدايةِ أنَّهُ أرادَ إبعادي عن سيارتِهِ دونَ أن يتنازل ويكلِّمني بكلمةٍ واحدة ،فلم أفهم ذلكَ حتى بدأ يبعدني بطرفٍ حذاءهِ،ابتعدتُ من جانبِها واتجهتُ إلى جدارِ المطعم الزجاجي لعلَّهُ يحملُ شيئاً الدفء قليل، ولكن للأسف كانَ مظهري مصدرَ إزعاجٍ بالنسبة لزبائنِ المطعم، أخبرني العاملُ بذلكَ، عندما جائني يشتاطُ غضباً،
يا إلهي!!!
وهل محرَّمٌ على المشردين بعض الدفء وبقايا الطعام؟؟
أيُعقلُ أننا أسوء من القططِ المتشردة حتى نُطرَد نحنُ وتبقى هي؟؟
وأينَ سنذهب إن طُردنا في مدننا؟؟؟
ومن الذي سيقبلنا بعد ذلك؟؟.
الكنفاني الصغير
محمود الحسن
إرسال تعليق
0 تعليقات