أنا بخير💜بقلم 💜 إبراهيم البري

حسناً انا بخير فقط اشعر انني كنُخالةٍ بشرية تم كنسنا إلى أكثر زوايا هذا الكوكب ظُلمة ,, معزول عن الحياة مسحوق كرماد، مُهمل كخردة، منسي ولا يذكرني أحد، مُرهقةٌ روحي ، صامت كساعةٍ قديمة لم تعد تصلح حتى للزينة بعد أن توقّفت عقاربها عن لدغ الزمن وبهتت ألوان إطارها , وكقطةٍ يُحاصرها ألف كلب
#نعم انا بخير ياعزيزتي
لكنني لاجئ بروحٍ واحدةٍ فقط وجسدٍ مُنهك يظهر عليه أثر 30 طعنة وقلب صغير مسجون خلف قُضبان الضلوع وحلم يتيم، ووجه له ملامح عقاب، واسم مكون من سبعة حروفٍ "جميعها مُنقّطة ما عدا واحد" , وقلم أسود , وأوجاع مُتعددة، وفردة حذاء واحدة وشعور بالضياع والكثير من التعاسة
بهذا الخليط الغريب من التراب والأشياء الغامضة , أركضُ وحيداً كل يومٍ في شوارع هذهِ الحياة القاسية , حاملاً على ظهري منزلنا الصغير المكون من طابقين ويسكنه تسعة أشخاص.. !

على هذا الخليط الذي يُضاف إليه عند الظهيرة "قطرات العَرق المُتساقطة وطبقة من الغبار" أن لا يتعثر حين يركض , وأن يظل هادئاً ومُبتسماً مهما كانت وعورة الطريق وحرارة الجو "من أجل الحفاظ على هدوء المدينة وراحة الساكنين" ,,
عليه البقاء ثابتاً وإخفاء ألمه عن الجميع احتراماً لمشاعرهم وسدّ تلك الثقوب النازفة في صدره بأوراق الشجر ,, عليه التظاهر بالفرح أيضاً , وترديد أناشيد الولاء عند كل نقطةٍ عسكرية , ثم العودة قبل غروب شمس كل يوم حاملاً في يديه كيس خبز , قنينة ماء , بعض الملح , ورقة مكتوب فيها آخر أخبار الأسعار , وجثتي , وقليل من الدفاتر ,,!
بهذهِ الجثة الهزيلة فقط والتي تزن 65 كيلو غرام تقريبًا , يتوجب علي حمل طابقين من الأحجار والأسمنت , وحماية الساكنين من نيازك الأيام , وحراسة أبواب الحارة خشية أن يتسلل عبرها أحد الجائعين من الحارات المجاورة , وإيجاد الطعام , السهر حتى الفجر والاستيقاظ بعد شروق الشمس بقليل , وإلقاء النُكت من أجل ارتداء ضحكاتٍ مُزيفة وجلب بعض السعادة السطحية لأمي , والبكاء وحيداً , وكتابة بعض الرسائل ثم حذفها , وانتظار إحداهن , وقراءة فصل من كتاب , وتجاهل لعنات أبي في كل مرةٍ يراني فيها , ومُسامحة المُقربين علىٰ غدرهم , والصمت , والبحث عن وظيفة , وسماع شكاوى صديقي بإنصات , وشرح أرخص طُرق الانتحار لمن يرغب من البؤساء الذين خذلتهم الحبال غير المتينة أكثر من مرة ولا يملكون نقوداً لشراء جرعة سم قاتلة يظنون أنها قد تُريحهم من عناء هذه الحياة , وتدخين السجائر ومحاولة إقناع زميلي الذي فقد عقله بأنه إنسان وليس ضفدع , والوقوف في طوابير محطات الوقود , وإلقاء السلام علىٰ الناس , والجلوس قليلاً مع جاري العجوز , والشوووق , وكراهية الحكومة , وتحمّل بعض الأشخاص المُملّين وزيارة المقبرة لمعرفة آخر المُضافين إليها , وزيارة المصابين بالرصاص من قبل الدواعش
بظهرٍ مكشوف تنهشه سياط الخُذلان , ويدين فارغتين إلا من الشقوق , وبطن خاوية، ينتظرون مني إلقاء القصائد , وإعادة النازحين إلى ديارهم
بقلبٍ حزينٍ وخالٍ من الطمأنينة , عليّ مواجهة أعاصيرٍ مُدمّرة من الأشواق , وطوفان اللهفة , وأسراباً من نوارس الأفكار , والشمس في الصباح , وخيالي الجامح , والخوووف ,,!

أخبريني أيتها الجميلة جداً , كيف يُمكنني بقلبٍ واحدٍ فقط مواجهة هذهِ الحياة الشرسة , وحمل كل هذهِ الأطنان الثقيلة من الحب , وتحمّل عذاب الأشواق وبطشها ,

إرسال تعليق

0 تعليقات