حرب في البحر ❤️ بقلم ❤️ميس الريم سامي زريقات / سوريا
حرب في البحر
تكدّسنَا فوقَ بعضنَا، ورُمينا في منتصفِ البحر، أمّي تربطُ أخِي على خصرهَا وأبِي يشدُّني إلِيه، تمسكُ أمّي بكتفِ أبِي ترتَجف وتهمس له، أمسكهُ أرجوك لا أريد أن ننقُص فرداً!
يقبّلها على رأسهَا ويبتَسمُ ابتسامةً كاذبة _ أنا أعلم أبي حين يكذِب وأمّي أيضاً_ ويقول: لا تقلقي أنا واثقٌ بأنّنا سنصِل جميعاً ويضمّها إليها وينظُر للسّماء داعياً، تقبّلنِي أمّي باكية وتقبّل أخَي، وأرى الجمَيع يبكَي، يضمُّ الجَميع الجَميع، ويمشِي القَاربُ بنَا لوسطَ البحر، الجوّ بارد ورطِب، تتلامَس ذرات الهواء مع أصابعِ الأقدام فترتجِف مُتَلذّذةً بالبَرد، القمَر ينير البحر والظّلام يحاوِط الجمِيع، السّكون مخيف! قالتهَا أمّي لتضمّني وأخي بقوّة
-جسدكمَا بارِد! ستَمرضان،
أمسكَنِي أبي وهمس لأمّي: لا تقلقِي دعِي عنكِ الخوف.
هزّت أمي رأسها ونظرَت لي بخوفٍ وقَالت: لا تُفلِت أباك! هززت رأسي بود ونظَرتُ للبحر فرأيتُه قاتماً أختفَى القمر من عليه، فجأة دونَ إنذار يهيجُ البحر بالجَميع، نساءٌ تولوِل، وأطفالٌ تبكِي، ويعلُو صوت الرّجال، يتلَاعب البَحر بنَا، وتضربُ الأمواجُ رؤوسنَا لِتُودي بكلّ الأفكار سوَى بفكرة البقَاء، يخلعونَ أخلاقَهُم يلقونَ ببعضهم في البحر يضمنَا أبي وتصرخُ أمّي ويبكِي أخِي، يضربنَا المَوج فيُلقى ببعضنَا في المَاء، يزدادُ الصّراخ والنحيب، ويزدَاد المَاء في القَارب، وتلامَس ركبُنا المَاء، صوتُ رعدٍ وبَرق يودِي بأسماعنَا، المَطر ينزِل لأوّل مرّة بِغُل حاقداً علينا، النّساء تَلطُم والرّجال تصرُخ والنّاس تحاولُ التودة فيلتقمهُم البحرُ مجدّداً ويختفُون، بينَ أضواء السّماء ضوءٌ قاربٍ هنَاك، يرمي الجمِيع بنفسِه نحوَ القارِب الغريب، يتضاربُ الجمِيع، يمسكُني أبي ويضعُني على ظهرِه ويسبَح وتتبعهُ أمي الّتي تحمِل أخي منهكة، البحر يجمّد أطرافِي ويشلّ حركتِي ويبدو الأمساكُ بظهر أبي أكثر صعوبة، تتلاطمُ الأمواج وتعصفُ السّماء بقوّة وينزل وابلٌ من المطر ليَلتقمنِي المُوج عن ظهرِ أبي ويُسكِنني في جوفِه، صراخ أمّي أصمَّ آذاني،أبِي يحاولُ الوصول لِي وعلى وجهه دموع! لَم أميّز أكانَت دموعاً أم ماء، لكنّ الأصوات تهدأ رويداً رويداً ويبدو أنّ كل شيءٍ ينتهٍي، الليلُ دافئ وسطَ البحر، والأسماك جميلة، أربعُ ليالٍ ثمّ أرى البحر يحمِلني للسّطح، هناكَ حيثُ كانت العَاصفة وأمّي، فلا أرى سوى أمواجٍ هادئةٍ وشمس، الشّمس الجميلة، يالله كَم تشبهُ أمّي
ميس الريم سامي زريقات
سوريا
إرسال تعليق
0 تعليقات