نزيفٌ خفي..🖤 بقلم 🖤 ليال أحمد
سالَ لعابه كثيراً قبل أن يتوقف عن النباح، يريد أن يأكل، الأمر يبدو مفهوماً في الوهلة الأولى، لكنَّه يرفض قطع اللحم المُقدَّمة من المارة، ينصدمون
"_أيرفِضُ الجرو لحماً؟يبدو أنَّه بمُنتهى الحماقة!
_أعتقدُ أنّه نباتي "
وتتطاير الضحكات كسكاكين حادة تخترق قلبه
مازال يصرخ..يريد شيئاً ما
"_بيطريٌّ..ربما
_لا يبدو لي مُتألماً
_افهمك، تتألم كالكلاب فيسهل عليك التمييز"
وتتطاير الشتائم كنصولٍ حربية تمزّق أطرافه
مازال يعوي..يعوي كثيراً، لم يعد أحدٌ يُحاول الوقوف ليُدرك ماهية شعوره، لا استطيع حتى أنا التي اختلقه الآن أن أخمِّن لمَ ينوح بهذا الشكل المُقزِّز، ولا أعلم حتى لمَ أعطيتهُ دور البطولة وألبستهُ قناع الألم، ربما يشتمني سرَّاً ، لكنَّ سلطتي عليه ستجعله صامتاً أبداً، وهو ماعلّمنا إياه الحُكام.
في لحظةٍ ما اقترب رجلٌ مجهولٌ منه، تمرّد على نصي هذا وبصق في وجهي، لا أُُدرك حتّى الآن من أين وُلدت تلك الجرأة، لكن أعتقد أن عليَّ الاقتراب من صلب الموضوع، فالحكاية صارت بين أصابعي فقط وخرجت من دائرة الوعي والتحكم.
يُداعبُ الرجل بلطفٍ عنق الجرو، يبدو أنه راح يهدأ
الآن..المارة يفهمون (ولو أنهم في الحقيقة لم يفهموا ولا يأبهون، لكن أسئلتهم قد تبخرت في الفضاء )
نعود لمشهد الجرو، الذي لا استطيع أن أصف ماهية شعوره..
يحاول الرجل أخذه بعد أن قام بتهدأته
لكنه يرفض، ويواصل لعق أصابع الغريب المُتطفّل
لسانه يقول أن أصابع الرجل لا تشبهه وهو كاذب
كلساني الذي يقول دوماً كلاماً مُملّقاً بالكذب
عيناه تقولان أن رائحة أصابعه متعلقة بشيء ما
كعيني التي تتابع وقع الحروف بدهشة
أطرافه تبوح بتردد أحمق
كتردد أصابعي بكتابة هذا الهراء الآن
في قلبه خوفٌ من مصير مجهول لا أدركه، الكلب وحده يعلم، لكنه يشبه الخوف الذي يعتريني من مصيري عند وقوعي تحت حكم القرّاء أنا التي لا سلطة لي على قلمي، لكنه يسير
راح يسير على الرصيف وراء الرجل
كما أسير على الورقة وراء الكلمات
هو خائف..وأنا كذلك
لقد مات رفيقه قبله، وأنا مات قلبي قبلي
ربما كان الأمر سيّان لكلينا، لكن الوحدة لم تتح لي باستخدام قلبي كلقبٍ لأحدهم
هو يبكي ..وأنا أبكي
هو يصيح..أنا أصيح
يحاول التملَّصَ والهرب..أنا اتعثر
هو يصمت برهةً فأصرخ
أبكي فيعاود الصراخ
حركاتنا مُتتامة..تكاد تكون متلاصقة
هو يشهق..أنا أنزف
هو يموت بوحشيّة على يد صاحبه السادي
وأنا أموت بشاعريّة على يد الحروف
لكن الأمر ليس سيّان هنا
فهو ينزف دمعاً ودماً
وأنا دموعاً و..
كلمات
ليال احمد
إرسال تعليق
0 تعليقات