فلسفة العلم 💜بقلم 💜 زكرياء الحداد /المغرب


فلسفة العلم



وعندما أمسكت قلمي لأكتب عن العلم، توقفت!!

لأول مرة أطرح على نفسي سؤال، ما هو العلم؟

هل هو شعور يشعر به الإنسان في لحظة صفاء، أم هو مجموعة من التجارب والخبرات، يكتسبها الإنسان أثناء عبوره محطات الحياة، أم أنه هبة ربانية وملكة وجدانية، يزرعها الله فيمن اصطفاه من خلقه..

مما لا شك فيه أن العلم منارة تنير طريق السالكين في دروب الحياة، من اتخذه سلاحا له ورفيقا في دربه، وصل لغايته الأسمى وعرف جوهر الحياة، ومن استغنى عنه ضل في وسط الطريق، يتخبط من هنا إلى هناك لا يدري أين الطريق ولا يهتدي للنهاية، وقد قارن الله عز وجل بين من يعلم وبين من لا يعلم فقال: "قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون".

عندما نتحدث عن العلم، تتفرع في ذاكرتنا مجموعة من التصورات، تبدأ من لحظة خروجنا الأول للحياة، لحظة التعلم والتعرف على الأشياء، كيف أعلم أن هذه أمي؟، كيف أعلم أن هذا ثدي أمي فيه غذائي؟، كيف اهتديت للبكاء لأعبر عن احتياجي، وتنتهي رحلة التصورات في النظر لما أحدثه العلم من تغيرات في سيرورة الحياة البشرية. بالعلم ازدهرت حضارات، وبعدم العلم اندثرت حضارات، بالعلم اكتشف الفضاء، وبالعلم غاصت الأمم أعماق البحار، بالعلم بنيت الأمم، وبالعلم تطورت، بالعلم غاص الإنسان في أسرار ذاته، وبالعلم أيضا أدرك الإنسان عظمة هذا الكون، فاهتدى إلى خالقه، بالعلم وجد الطب، وبالعلم أوجد الانسان مستلزمات حياته، بالعلم عرف الإنسان الأول كيف يجعل من الأرض مصدر غذاءه. ويستمر الإنسان في فتح ابواب العلم والتعلم، حتى آخر ثانية من حياته.

لكن هذا التدبر والنظر في العلم وما أحدثه، يجعلنا نعود لإسم الله العليم، ونحن نعلم أن علم الله عز وجل لا يقارن بعلم خلقه، وأن علمه مطلق لا حدود له ولا قوانين تحده، بينما علم البشر محدود، وإذا كان البشر على محدودية علمهم، قد وصلوا إلى ما وصلوا إليه الآن من الثورات العلمية، التي لم تترك جانبا إلا وألقت بظلالها عليه، فكيف الحال بعلم الله عز وجل، تخيل أن كل ما وصل إليه البشر لا يعد شيئا مقارنة مع ما في علم الله عز وجل. إن هذا الفارق يجعلنا دائما نعترف بقصر فهمنا ومحدودية علمنا، وأننا دائما تحت رحمته عز وجل وعلمه وقدرته.

فسبحان العليم الخبير، الذي منحنا عقلا نتعلم به، وقلبا نهتدي به..

سبحان الذي سخر لنا الكون على عظمته، لنكتشف أسراره ونغوص في أعماقه، ونعلم خباياه..

سبحان الذي جعل العلم به طريقا موصلا إليه.

وصف الله عز وجل العلماء بأنهم الأكثر خشية منه، وهذه الخشية إنما وجدت فيهم لأنهم بالعلم عرفوا ربهم وبالعلم أدركوا عظمة العالم من حولهم، وقد قيل قديما، "من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب"، ويتبادر لذهني في تحليلي لهذه المقولة بغض النظر عن مناسبة قولها، إلا أنها ليست دعوة لترك ما لا نعلمه، وإنما هي دعوة للتعلم والاستمرار في التعلم واكتشاف ما لا نعرفه ونجهله..

ويقول صلى الله عليه وسلم " إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع" إشارة إلى فضل طالب العلم والمكانة التي ينالها بين الناس وبين من هم عند الرحمن.

ولكن مع كل هذا المقام الذي ناله العلم وطالبه، إلا أنه يوجد من العلم ما يكون وبالا على صاحبه، ذلك أنه لم يحسن استغلاله، ولم ينسبه للعليم الخبير، فضاع في سراديب تمجيد الذات والعقل، بعيدا عن نور الإله، وهذا ما حصل لكبار علماء الفيزياء والحياة وغيرهم؛ كداروين ودوكينز وكوهين، ولن نرجع بالذاكرة إلى الوراء لنستحضر أسماء اخرى فإن الحاضر والماضي القريب حافل بتلك الأسماء.

ويختم شوقي حديثنا فيقول:

قم للمعلم وفّيه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا

إرسال تعليق

0 تعليقات