منذ خلقت ❤️ بقلم ❤️ حسين الظاهر
(1)
منذ خُلقت لم أحمل هذا الكم من التبعية للجدران والسقوف،
فقد كنت قبل الآن كائناً طويل النفس، مشّاءً، أعرف السماء وتعرفني، أعرف الشوارع والوجوه أركلها بذاكرتي طوال الطريق وتركلني، أعرف بأن المسافة المفتوحةأطول وأقسى من مسافة ترتصف الأبنية على جوانبها.
بالنسبة لي كانت العزلة سابقاً مجرد فكرة تغفو على شطر بيت شعري أو داخل تلافيف دماغ شخص لفظ محيطه وما به من أسماك، لكنها لم تكن قابلة للتطبيق كما الآن، فقد أخرقها مضطراً في اليوم عشرات المرات، كأن تناديني رئتي بأن سماءها باتت صافية،( اجلب ضبابك اليومي ) ( علبة سجائر )،كأن تناديني الشمس باسمي المجرد من أي لقب لتعطيني بعض خيوطها كمؤونة لهجمات الليل، كأن أغادر برجي الإسمنتي لأقابل صديقاً هُزم في معركة ما لأربت على جراحه.
الآن بلمسة زر يحل الضباب وبلمسة آخرى ألجُ إلى أعماق جراحكم وبلمسات أرى أمي وأبي وأصحابي الحمقى من ثم أعود لأعبد هذه الجدران .
يا دون كيخوتة الحزين
أعرني حصانك الهزيل
والجهات
فضيجيج هذه الطاحونة يقتلني .
(2)
يحدث الأن :
يطرق زجاج النافذة مطر فجائي، بالنسبة لي لا شيء يدعوني لتحريك تجاعيد وجهي قيد أنملة فلا أغنام لي في الخارج ولا نبتة واحدة.
تحتج زوجتي على كذبة الراصد الجوي وتحذف تطبيق الطقس من هاتفها
ثم تمضي لجمع غسيلنا المنشور على السطح .
في الماضي البعيد أو الأكثر بعداً كنا نعد العدة لاستقبال المطر
وكنا نتباهى بطول (جزماتنا) ومن منا سيخوض إلى أعماق مستنقع اللهو دون أن تبتل جواربه، ( سيامند ) أو ( مندو ) كما يفّضل أن نناديه كان أكثرنا شقاوة وشقاء.
لم يحتاج لجزمة، فقط رفع عن ساقيه الهزيلتين ونزل حتى لم نعد نراه إلى الأن، يخبرني أحد القدامى أن ( مندو ) قطع البحر إلى ضفته الأقل حزناً، قطعه بلا جزمة وبنفس واحد فصدقته.
بهدوء أرفع الستارة وأنظر
بحيرات ماء بدأت بالتشكل , أحث ابني (محمد) على الخروج واللعب قليلاً، فيرد معاتباً بلسان الكبار " أتريدني أن أمرض ؟ "
أكرر عرضي على ( بانه ) فترد تماماً كما أخيها
أعود بخيبة إلى قوقعتي وأنا أفكر
لو كان لدي جزمة أطول لما بقيت هنا أندب حظي .
إرسال تعليق
0 تعليقات