إستشفاٌء دماغي💙بقلم💙رغد ابو زيد💙فلسطين💙غزة

ستشفاءٌ دماغي

رُبما ورُبما طال الأمرُ أكثر من اللازم، حتميةُ الوصول المُتخاذل قاتلة، الإصابة بليغة فتّاكة، هدوء، هدوء نرجو الهدوء للحظةٍ علي الأقل، عَلّنا نُدرك مدى المُبالغة، مُبالغة؟
ماذا تُهذي؟
إنه صراعٌ داخليٌ هالك، حياةٌ محفوفةٌ بمخاطرٍ مؤذية، الكثير من الصمت، الكثير من الأرق، الكثير من الوجع المخشيَّ في بطانةٍ حادة، لم تعد تستقطبُ ولا تُعطي، لم تعد تُدركُ تلك الخلايا بِقاعها ولا مَنشأها ولا ماذا تُريد، أفهمت الوجع؟
حسناً، إني مُتشتت ضائع، مُتهالك الأطراف، مُتسلقٌ لجبلٍ لا نهايةَ له، هل هذهِ كلها هواجس؟
هل تلك الأمورَ صلبةً حتى لا تُفهم؟
أم أنني أبالغَ الوصول ولا أبرح مكاني؟
انظر، لا تتكلم، هل ترى دموعاً مُتحجرة؟
أم ترى بُنياناً منهارة مُتفتتة كقطعِ بسكويتٍ مهروس؟

إنه ميتٌ يا حضرةِ الطبيب، بلا حِراك، بلا صوت، ولكنه عينيه مَفتوحةٌ كأنه يرى، يشعر، يسمع، ثم لا استجابة.
هدئ من روعك، سيستجيب، سيتحرك حين يرمي بتلك الأمور للهاوية، إنه في قُعر المصائي العارمة، يَخوض حرباً ذاتية، يعارك أعضاءَ جسدهِ بسيوفٍ حادة، يستقلع النوم من صِحتهِ ليفيقَ من شروده قبل أن يصل لذروةِ الأمر، لا الصدماتُ ولا المحاليل تشفي، المشفى كُلها لا علاقة له بالأمر، إنه بحاجةٍ لسلامٍ داخلي، ليدٍ تُنقذه من كل شئ، إن مُصابه الجلل واقفٌ عند لحظةٍ خرقاء لا يُريد تجوزها، طبيبهُ النفسي لم يستطع مُساعدته، إن الأمر ينهش بذاكرته حتى ضاعت بكل أجزاءها في كهفٍ هُناك، أتعلم أين؟
في وادي الغضي حيثُ الجمود، والكثير من الموت.

هُنا في ملفه النفسي مكتوبٌ بأنه كان يُحبُ إحداهن فارتقتْ شهيدةً على أضلعهِ المُرهقة، إن حُبه متجمد لا يريد تجاوزهُ ولا نسيانه، يريد البقاء في بقعةٍ ظلماء ميتة، إنه يسمع حديثنا الآن، يفهم ما نقول، عزيزي أحمد، إن تفهم ما أقول حرّك إحدى أصابعك.

- نعم استجاب، إنه يسمع، يبكي كطفلٍ صغير لم يتجاوز السنتين، يريد الإقلاع، ولكن يحتاجُ مساعدة.
حسناً أنا هُنا، ابكِ بقدر ما شئت، انفعل، اغضب حتى لو يظهر الأمر، جرّد ذاكرتك من كل تلك العقبات، تلك الأحداث مُتسلسلة فككها وحللها، ثُم أمسك بيدي، هُناك حيثُ التنويم المغناطيسي، عليك التعايش الآن، عليك أن تجبر نفسك على الخروج.
أخذته على ذاك الجهاز، قاومتُ كل الأشواك، عبرتُ على حدودٍ شائكة، جرحتُ نفسي، صلبتُ جسدي، ذرفت عيني الكثير، أصابتني الراحة بعد العديد من الجلساتِ الحارقة.
طبيبي القديم تركني في المنتصف، أما طبيبي علي لم يترك يدي، خلّد ساعاتٍ لأجلي، كأنه كرس حياته لإيجاد طفله الضائع بي، ها أنا الآن بعد سنتين من الإرهاق والوجع، بين الموتِ القاطع والأرق، أكسر حواجزي، أعيش بحريةٍ عريقة، افتتحتُ شركتي، قاومت خلايا عقلي حتى شُفيت من عقباتها.
كُل ما كان بي ضغطُ في فصوصِ دماغي، حرارةٌ في ثناياها، صمتٌ في أجزاء الذاكرة وخصوصاً منطقةُ الاستجابة.
ولكنني أنا الآن، السيد أحمد صاحبُ شركةِ المقاولاتِ والبناء.
كُل الشكر لطبيبي الذي لم يخذلني قط.💙

#رغد_أبوزيد

إرسال تعليق

0 تعليقات