شتاء خال منك 💜 بقلم 💜سدرة بدوي العوير /سوريا
_الحمدُللّه أنّني تعافيت منك قبلَ قُدوم الشِّتاء.
هل لك أن تتخيّل كيف كان سيكون هذا الشّتاء لو أنّني لا زلتُ أبكي عَليك؟
كم سيكون البردُ عليَّ مُضاعفاً !
بُرودةُ الطَّقس، وبُرودةُ قَلبي، على المُؤكَّد كنتُ سأتحوّل إلى كُتلة جَليد.
لا تُبالِ للمِدفأة الّتي اعتدتُ أَن أمكُث جِوارَها، فهيَ لَن يتسلَّل دفؤها إلاَّ على سطح جسدي ويتلاشى.
ومانفعُ المدافِئ إنْ لَم تتمكَّن مِن كَسر صَقيع مَشاعِرنا !وما نفعُ الغِطاء إنْ لَمْ نستطِع أَن نُغطّي قُلوبَنا ونَحميها من جَفاء الغَير !
الحمدللَّه أنَّ المَطر هطَل هذهِ المَرَّة بعدما نَسيتَك، فَقد عُدتُ إلى ذَاتي، لَملَمتُ أَدعِيةً لِنفسي، بعدما كُنتُ قَد طويتَها منذُ زمنٍ بَعيد.
عدتُ لِذاتي، نبَشتُ أُمنِياتي، دعيتُ لنفسي لِأوَّل مَرَّة، فكانَ أوَّل دُعاء أَن أَبقى وَحيدة، وآخرهُ ألاَّ أَعود و أُخذَل..
جلستُ أَحتَسي كُوبَ قَهوَة كَكِبار المُثقَّفين إلى جانِب نافِذتي الزُّجاجيَّة، وأمسكتُ بِروايةٍ كنتُ قد اشتريتَها بعد أنْ جَذَبني عِنوانَها، غرِقتُ في تَفاصيلَها، التهمتُ سُطورَها وكانت كقِطع (البسكويت)المُحَلّى المُغمّس بالقَهوة.
ومع كلِّ سِطرٍ أَمشيه أضَعُ يَدي عَلى قَلبي خَوفاً مِن أَن يتحقَّق إِحساسِي، وكما العادة، يتحقَّق ما أشعُر بهِ، و فزتُ هَذه المرَّة أيضاً وانتصرت حاسَّتي السَّادِسة، و ترَك البَطل مَحبوبَته، ذاكَ ذاتهُ الَّذي كَان يَجُول الأزقّة ليُخبِر المَارَّة عن حبِّه.
انتصرتُ هذهِ المَرَّة كما انتصرتُ تلكَ المَرَّة، عندما شعرتُ بأنَّك سترحَل، وحَصل حَقّاً !
لا أدرِ هَل أضْحكُ ضِحكَة استِهزاء على تشاؤُمي الَّذي يتحقَّق دَوماً؟حتّى أصبحتُ ألقِّب نفسي ب(غُراب المشاعر)، أم أفرح لتحقُّق تنبُّؤاتي؟
لنعودَ إِلى الرِّواية بُرهةً، وصلتُ حينَها إلى ذاكَ السِّطر الَّذي احتضن كَلمةً عن ألفٍ ومائة معنى، تلكَ الَّتي امتزجَ بها كُلَّ ما يُدعَى مَشاعِر تَنتَمي لعائِلة الحُزن، خوفٌ فقدٌ حرمانٌ انكسارٌ وحدةٌ..... إلى آخِر شُعور حَزين.
سَقط مِنِّي فنجانَ القَهوة على صدى كَلمة وداعاً، و سَقَطت دَمعة مِن مُقلَتي، و تَلوّنت الصَّفحة بلَونِ الكَلمة، وبلَونِ قَلب مَن سمِع تِلك الكَلمة يوماً.
حاولتُ أنْ أُزيلَ آثارَ القَهوة، لَكِن لونَها البُنّي طغى على الوَرقة، وكم تمنّيت لو أنّ لون عينيّ شقيق القهوة لو يتعلّم كيفَ يَطغى على صَفحةِ حياتك.
لكنّك كنتَ أنتَ كتلكَ الورقة الَّتي عبثَ بها البنّ و خرّب كَلماتها، لا يزالَ لكَ أثراً رُغم مُحاوَلاتي الكَثيرة لإِزالتك،و رغم كُلَّ ذلك، الحمدُللَّه أنَّني تعافيتُ منكَ قبلَ قدومِ الشِّتاء.
سدرة بدوي العوير
سوريا
إرسال تعليق
0 تعليقات